الجمعة، 19 يونيو 2015

رأي أرسطو في الصداقة:

 رأي أرسطو في الصداقة:

يبين الفيلسوف أرسطو في كتابه "علم الأخلاق إلى نيقوماخوس " أن الصداقة إنما هي حد وسط بين خلقين فالصديق هو الشخص الذي يعرف كيف يكون مقبولا من الآخرين كما ينبغي. أما الشخص الذي يبالغ حتى يكون مقبولا لدى الجميع إلى الدرجة التي تجعله لا يعارض في أي شيء حتى لا يسيء إلى الآخرين فهو المساير، وذلك إن كان يفعل هذا بدون سعي إلى منفعة شخصية وإنما لولعه بالإرضاء. أما إن كان يهدف من مسايرته إلى مصلحة شخصية فهو المتملق. وعلى الضد يصف الفيلسوف أرسطو الشخص الذي لا يكترث بالقبول من جانب الآخرين بأنه الشرس، والعسر والمشاغب، والصعب في المعيشة.

ولا يحبذ الفيلسوف أرسطو إلا الوضع الوسط، ويرى أن هذا الوضع يشبه الصداقة، ويعلل رأيه بأننا أكثر استعدادا لقبول الشخص الذي ينتمي إلى هذا الوضع كصديق لنا، إذا جمع إلى رغبته في التقبل الشعور بالميل إلينا. ويوحي الشرط الأخير بأن الرغبة في اكتساب قبول الآخرين ليست مرادفة اما للصداقة. ويفسر الفيلسوف أرسطو وجهة نظره بأن بعض الناس يرغبون في أن يكونوا مقبولين، ولكن دون أن يشعروا بأي عاطفة، فهم يفعلون ما يجب وما ينبغي أن يفعلوه مع من يعرفونهم ومع من لا يعرفونهم ليس لحب ولا لبغض ولكن لحرصهم على أن تكون معاملاتهم مع الآخرين كما ينبغي أن تكون.
ويضيف إلى تعريف الصداقة أنها عطف متبادل بين شخصين حيث يريد كل منهما الخير للآخر، مع العلم بتلك المشاعر المتبادلة فيما بينهما وفي موضع آخر يفصل التعريف بأن "الصديق " هو من يعيش معك، والذي يتحد وإياك في الأذواق، والذي تسره مسراتك وتحزنه أحزانك وبذلك تقوم الصداقة على المعاشرة، والتشابه، والمشاركة الوجدانية.
وعندما ينتقل إلى شرح أهمية الصداقة يذكر أنها إحدى الحاجات الضرورية للحياة ، لأنه لا يقدر أحد أن يعيش بلا أصدقاء مهما توافرت له من خبرات ، فالأصدقاء هم الملاذ الذي نلجأ إليه وقت الشدة والضيق ،  والصداقة ضرورية للشباب لأنها تمده بالنصائح التي تحميه من الزلل ،  وهي مهمة للشيخ تعينه حيث يتقدم العمر ، ويضعف البدن وهنا يعقد الفيلسوف أرسطو مقارنة لطيفة بين قيمتي العدل والصداقة فيشير إلى أنه "متى أحب الناس بعضهم البعض لم تعد حاجة إلى العدل ، غير أنهم مهما عدلوا فإنهم لا غنى لهم عن الصداقة ، وأن أعدل ما وجد في الدنيا بلا جدال هو العدل الذي يستمد من العطف والمحبة "

0 التعليقات :

إرسال تعليق