
س : أحد جيراني من النصارى ، فهل يجوز لي التصدق عليه من الأضحية وإن كان كافرا ؟
الجواب :
الراجح من أقوال أهل العلم أنه يجوز التصدق تطوعا على الكافر من الأضحية وغيرها. وتفصيل ذلك ننقله من الموسوعة الكويتية :
"اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي جَوَازِ صَدَقَةِ
التَّطَوُّعِ عَلَى الْكَافِرِ ، وَسَبَبُ الْخِلاَفِ : هُوَ أَنَّ الصَّدَقَةَ
تَمْلِيكٌ لأِجْل الثَّوَابِ ، وَهَل يُثَابُ الشَّخْصُ بِالإْنْفَاقِ عَلَى
الْكُفَّارِ ؟ .
فَقَال الْحَنَابِلَةُ : وَهُوَ الْمَشْهُورُ عِنْدَ
الشَّافِعِيَّةِ ، وَالْمَنْقُول عَنْ مُحَمَّدٍ فِي السِّيَرِ الْكَبِيرِ :
إِنَّهُ يَجُوزُ دَفْعُ صَدَقَةِ التَّطَوُّعِ لِلْكُفَّارِ مُطْلَقًا ، سَوَاءٌ
أَكَانُوا مِنْ أَهْل الذِّمَّةِ أَمْ مِنَ الْحَرْبِيِّينَ ؟ مُسْتَأْمَنِينَ
أَمْ غَيْرَ مُسْتَأْمَنِينَ ، وَذَلِكَ لِعُمُومِ قَوْله تَعَالَى : {
وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا } .
قَال ابْنُ قُدَامَةَ : وَلَمْ يَكُنِ الأْسِيرُ
يَوْمَئِذٍ إِلاَّ كَافِرًا وَلِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : فِي
كُل كَبِدٍ رَطْبَةٍ أَجْرٌ
وَقَدْ وَرَدَ فِي حَدِيثِ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي
بَكْرٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - قَالَتْ : قَدِمَتْ عَلَيَّ أُمِّي وَهِيَ
مُشْرِكَةٌ فِي عَهْدِ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
فَاسْتَفْتَيْتُ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قُلْتُ : إِنَّ
أُمِّي قَدِمَتْ وَهِيَ رَاغِبَةٌ ، أَفَأَصِل أُمِّي ؟ قَال : نَعَمْ ، صِلِي
أُمَّكِ وَلأِنَّ صِلَةَ الرَّحِمِ مَحْمُودَةٌ فِي كُل دِينٍ ، وَالإْهْدَاءُ
إِلَى الْغَيْرِ مِنْ مَكَارِمِ الأْخْلاَقِ.
وَفَرَّقَ الْحَصْكَفِيُّ فِي الدُّرِّ بَيْنَ
الذِّمِّيِّ وَغَيْرِهِ فَقَال : وَجَازَ دَفْعُ غَيْرِ الزَّكَاةِ وَغَيْرِ
الْعُشْرِ وَالْخَرَاجِ إِلَى الذِّمِّيِّ - وَلَوْ وَاجِبًا - كَنَذْرٍ وَكَفَّارَةٍ
وَفِطْرَةٍ خِلاَفًا لأِبِي يُوسُفَ .
وَأَمَّا الْحَرْبِيُّ وَلَوْ مُسْتَأْمَنًا
فَجَمِيعُ الصَّدَقَاتِ لاَ تَجُوزُ لَهُ.
وَيَقْرُبُ مِنْهُ مَا ذَكَرَهُ الشِّرْبِينِيُّ مِنَ
الشَّافِعِيَّةِ حَيْثُ قَال : قَضِيَّةُ إِطْلاَقِ حِل الصَّدَقَةِ لِلْكَافِرِ .
أَنَّهُ لاَ فَرْقَ بَيْنَ الْحَرْبِيِّ وَغَيْرِهِ ، وَهُوَ مَا فِي الْبَيَانِ
عَنِ الصَّيْمَرِيِّ وَالأْوْجَهُ مَا قَالَهُ الأْذْرَعِيُّ مِنْ أَنَّ : هَذَا
فِيمَنْ لَهُ عَهْدٌ ، أَوْ
ذِمَّةٌ أَوْ قَرَابَةٌ أَوْ يُرْجَى إِسْلاَمُهُ ،
أَوْ كَانَ بِأَيْدِينَا بِأَسْرٍ وَنَحْوِهِ . فَإِنْ كَانَ حَرْبِيًّا لَيْسَ
فِيهِ شَيْءٌ مِمَّا ذُكِرَ فَلاَ ." اهــ
وجاء في كتاب المفصل في أحكام الأضحية :
نقل
النووي عن ابن المنذر قوله :[ أجمعت الأمة على جواز إطعام فقراء المسلمين من
الأضحية . واختلفوا في إطعام فقراء أهل الذمة فرخص فيه الحسن البصري وأبو حنيفة
وأبو ثور . وقال مالك : غيرهم أحب إلينا .
وكره مالك أيضاً إعطاء النصراني جلد الأضحية أو شيئاً من لحمها
.
وكرهه الليث قال :[ فإن طبخ لحماً فلا
بأس بأكل الذمي مع المسلمين منه ] .
ثم قال النووي :ومقتضى المذهب أنه يجوز
إطعامهم من ضحية التطوع دون الواجبة .
وقال تاج الدين السبكي بعد أن نقل كلام
النووي السابق :[ قلت : نقل ابن الرفعة في الكفاية أن الشافعي قال : لا يطعم منها – يعني الأضحية – أحداً على غير دين الإسلام وأنه ذكره في البويطي ] .
وقال الشيخ ابن قدامة :[ ويجوز أن يطعم منها
كافراً ، وبهذا قال الحسن وأبو ثور وأصحاب الرأي … لأنه طعام له أكله ، فجاز إطعامه
للذمي كسائر الأطعمة ، ولأنه صدقة تطوع ، فجاز إطعامها للذمي والأسير كسائر صدقة
التطوع ]"اهـــ
0 التعليقات :
إرسال تعليق