
جاء في كتاب المفصل في أحكام الأضحية :
قال المالكية والشافعية والحنابلة : لا
يجوز بيع شيء من الأضحية لا لحمها ولا جلدها ولا أطرافها ، واجبة كانت أو تطوعاً (1)
. قال الإمام أحمد : لا يبيعها ولا
يبيع شيئاً منها .
وقال أيضاً : سبحان الله كيف يبيعها وقد جعلها
لله تبارك وتعالى ؟
وقال الحنفية : لا يحل بيع شيء منها
بشيء لا يمكن الانتفاع به ، إلا باستهلاك عينه من الدراهم والدنانير والمأكولات
والمشروبات . وله أن يبيع منها بما يمكن
الانتفاع به مع بقاء عينه ، من متاع البيت كالجراب والمنخل (2).
ورخص الحسن والنخعي والأوزاعي في الجلد
أن يبيعه ، ويشتري به الغربال والمنخل وآلة البيت .
وأجاز ابن عمر أن يبيع الجلد ويتصدق
بثمنه ، ونقله ابن المنذر عن أحمد وإسحاق (3)
ويجوز أن ينتفع بالجلد ، بأن يجعله
سقاءً أو فرواً أو نعلاً
أو غير ذلك .
فقد ورد عن عائشة رضي الله عنها قالت :
يجعل من جلد الأضحية سقاء ينبذ فيه .
وعن مسروق أنه كان يجعل من جلد أضحيته
مصلىً يصلي فيه .
وعن الحسن البصري قال : انتفعوا بمُسُوك
– جلود – الأضاحي ولا تبيعوها (4) .
والذي يظهر لي
أنه لا يجوز بيع شيء من الأضحية ، بما في ذلك جلدها وأطرافها .
ويدل على ذلك ما ورد في حديث علي قال :(
أمرني رسول الله e أن أقوم على بدنه ، وأن أتصدق بلحمها وجلودها وأجلتها ، وأن لا
أعطي الجزَّار منها . وقال نحن نعطيه من عندنا ) رواه البخاري ومسلم وقد مضى . فقد
أمره الرسول e أن يتصدق بلحومها وجلودها وجلالها ، كما أنه قد جعلها قربة لله
تعالى فلم يجز بيع شيء منها كالوقف (5) .
وقد ورد عن النبي e أنه قال :( من باع جلد أضحيته فلا أضحية له ) رواه الحاكم ، وقال
: حديث صحيح . ورواه البيهقي (1) .
وقال الشيخ الألباني : حسن (2) .
قال الحافظ المنذري :[ وقد جاء في غير
ما حديث عن النبي e النهي عن بيع جلد الأضحية ] (3)
.
وجاء في الحديث عن قتادة بن النعمان t أن النبي e قال :( … لا تبيعوا لحوم الهدي والأضاحي ، فكلوا وتصدقوا واستمتعوا بجلودها
ولا تبيعوها ، وإن أُطعمتم من لحمها فكلوا إن شئتم ) رواه أحمد وذكره الهيثمي وقال
: في الصحيح طرف منه . رواه أحمد وهو مرسل صحيح الإسناد (4)
.
وأما الانتفاع بجلدها فلا بأس به على أي
وجه كان ، ويدل على ذلك ما ورد في حديث عائشة رضي الله عنها قالت :( دفَّ ناس من
أهل البادية ، حضرة الأضحى زمن الرسول e فقال رسول الله : ادخروا ثلاثاً ثم تصدقوا بما بقي ، فلما كان بعد
ذلك قالوا :
يا رسول الله إن الناس يتخذون الأسقية من
ضحاياهم ويجملون منها الودك ، فقال رسول اللهe . وما ذاك ؟ قالوا : نهيت
أن تؤكل لحوم الضحايا بعد ثلاث .
فقال : إنما نهيتكم من أجل الدافة فكلوا
وادخروا وتصدقوا ) رواه مسلم وقد مضى .
والأسقية : جمع سقاء ويتخذ من جلد الحيوان ، وفي
الحديث إشارة إلى أنه يتخذ من جلود الأضحية ، وقولها :( ويجملون منها الودك ) أي
يذيبون شحمها (5) ، وقد أقرهم الرسول e على ذلك .
(1)
المغني 9/450 ، الذخيرة 4/156 ، المجموع 8/419-420 ، الحاوي 15/119-120 .
(2)
بدائع الصنائع 4/225 .
(3)
المغني 9/450 .
(4)
معجم فقه السلف 4/148 .
(5)
المغني 9/451 .
(1)
سنن البيهقي 9/294 .
(2)
صحيح الجامع الصغير 2/1055 ، صحيح الترغيب والترهيب ص455 .
(3) الترغيب والترهيب 2/156 ، وانظر صحيح الترغيب
والترهيب ص 455 .
(4)
الفتح الرباني 13/54 .
(5)
شرح النووي على صحيح مسلم 5/113 .
0 التعليقات :
إرسال تعليق